لمّا تولى الحجاج شؤون العراق، أمر مرؤوسه أن يطوف بالليل، فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه، فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان فأحاط بهم وسألهم: من أنتم، حتى خالفتم أوامر الحجاج؟ فقال الاول: أنا ابن الذي دانت الرقاب له
ما بين مخـزومها وهاشــمها
تأتي إليه الرقـاب صاغــرة
يأخذ من مـــالها ومن دمها فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب الأمير وقال الثاني:
أنا ابن الـذي لا ينزل الدهر قدره
وإن نزلت يـــوماً فـسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضـوء ناره
فمنهم قيام حولـــها وقــعـود فتأخر عن قتله وقال: لعله من أشراف العرب وقال الثالث:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه
وقوّمها بالســــيف حتى استقامت
ركاباه لا تنفك رجلاه عنـــهما
إذا الخيل في يوم الكـــريهة ولّت فترك قتله وقال: لعله من شجعان العرب
*******
فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج، فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوّال، والثالث ابن حائك فتعجب الحجاج من فصاحتهم، وقال لجلسائه: علّموا أولادكم الأدب، فلولا فصاحتهم لضربت أعناقهم ثم أطلقهم وأنشد:
كن ابن من شئت واكتسب أدبـا
يغنيـــك محـمـوده عن النسبِ
إن الفتى من يقـول هـاأنـذا
ليس الفتى من يقول كان أبي ..
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق